فصل: سورة العصر:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم




.سورة العصر:

.فصول مهمة تتعلق بالسورة الكريمة:

.فصل في فضل السورة الكريمة:

قال مجد الدين الفيروزابادي:
فضل السّورة:
فيه أَحاديث منكّرة: حديث أُبي: «مَنْ قرأها ختم الله له بالصّبر، وكان من أَصحاب الحقِّ يوم القيامة»، وحديث علي: «يا علي مَنْ قرأها فكأَنَّما أَلجم أَلف فرس في سبيل الله وأَعطاه الله بكلّ آية قرأها تاجًا من الجوهر». اهـ.

.فصل في مقصود السورة الكريمة:

.قال البقاعي:

سورة العصر:
قال الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه: إنها سورة لو لم ينزل إلى الناس إلا هي لكفتهم، وهو معنى قول غيره: إنها شملت جميع علوم القرآن، مقصودها تفضيل نوع الإنسان المخلوق من علق، وبيان خلاصته وعصارته وهم الحزب الناجي يوم السؤال عن زكاء الأعمال بعد الإشارة إلى أضدادهم، والإعلام بما ينجي من الأعمال والأحوال بترك الفاني والإقبال على الباقي لأنه خلاصة الكون ولباب الوجود، واسمها العصر واضح في ذلك فإن العصر يخلص روح المعصور ويميز صفاوته، ولذلك كان وقت هذا النبي الخاتم الذي هو خلاصة الخلق وقت العصر، وكانت صلاة العصر أفضل الصلوات، وبيان اشتمالها على علوم القرآن تنزيل جملتها على ما قال الغزالي: إن القرآن كالبحر الذي فيه جزائر بها معادن ستة، منها أربعة مهمة: مهمان منها هما ياقوت أفخر فأحمره للعلم بالله، وأخضره لصفاته، وأزرقه لأفعاله، وزمرد أخضر هو العلم باليوم الآخر وما فيه، ومهمان أولهما در أنضر وهو العلم بالعبادات المقربة إليه سبحانه وتعالى، وثانيهما مسك أذفر، وهو العلم بالعبادات التي بها تهيأ العبادات، ومتمان وهما درياق أكبر وهو العلم بإزاحة الشكوك، والشبه والأوهام لأنها سموم ومهلكة للدين، وعنبر أشهب وهو الاعتبار بمن هلك باجتناب ما كان سبب هلاكه، والاقتفاء بمن نجا باتباع ما كان سبب نجاته، فالجملة الأولى للعنبر لأن فيها شم روائح الهالك وضده الناجي، وبدئ بها لأن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، والجملة الثانية للياقوت بصفاته الثلاث والزمرد، والثالثة للدر والمسك، وهخما عبادات مقصودة، وعادات وسيلة إليها ممدودة، والرابعة للدرياق لأن الشبه والشكوك إنما هي من أوهام عاطلة وخيالات باطلة، والخامسة وسيلة إليها ومتمة لها لأن معرفة ذلك واجتنابه لا يكون إلا ببذل الجهد في الصبر. اهـ.

.قال مجد الدين الفيروزابادي:

.بصيرة في: {والعصر}:

السّورة مكِّيّة.
آياتها ثلاث.
وكلماتها أَربع عشرة.
وحروفها ثمانٍ وستون المختلف فيها آيتان: {وَالْعَصْرِ} {بِالْحَقِّ}.
وفواصلها على الرّاءِ.
سمّيت بِوَالعصر؛ لمفتتحها.

.مقصود السّورة:

بيان خسران الكفَّار والفجّار، وذكر سعادة المؤمنين الأَبرار، وشرح حال المسلم الشكور الصبّار، في قوله: {وَتَوَاصَوْاْ بِالصَّبْرِ}.
السّورة محكمة.
وقيل: {إِنَّ الإنسان لَفِي خُسْرٍ} منسوخ بالاستثناءِ. اهـ.

.فصل في متشابهات السورة الكريمة:

قال مجد الدين الفيروزابادي:
المتشابهات:
قوله: {وَتَوَاصَوْاْ بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْاْ بِالصَّبْرِ} كرّر لاختلاف المفعولين، وهما {بِالْحَقِّ} و{بِالصَّبْرِ} وقيل: لاختلاف الفاعلين؛ فقد جاءَ مرفوعًا أَنَّ الإنسان في قوله: {وَالْعَصْرِ} أَنَّه أَبو جهل {إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُواْ} أَبو بكر {وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ} عُمَر {وَتَوَاصَوْاْ بِالْحَقِّ} عثمان {وَتَوَاصَوْاْ بِالصَّبْرِ} علىّ رضي الله عن الخلفاءِ (الأَربع) ولعن أَبا جهل. اهـ.

.فصل في التعريف بالسورة الكريمة:

.قال ابن عاشور:

سورة العصر:
ذكر ابن كثير أن الطبراني روى بسنده عن عبيد الله بن حُصَيْن قال: (كان الرجلان من أصحاب رسول الله إذا التقيا لم يفترقا إلاّ على أن يقرأ أحدهما على الآخر سورة العصر) إلخ ما سيأتي.
وكذلك تسميتها في مصاحف كثيرة وفي معظم كتب التفسير وكذلك هي في مصحف عتيق بالخط الكوفي من المصاحف القيروانية في القرن الخامس.
وسميت في بعض كتب التفسير وفي (صحيح البخاري) (سورة والعصر) بإثبات الواو على حكاية أول كلمة فيها، أي سورة هذه الكلمة.
وهي مكية في قول الجمهور وإطلاق جمهور المفسرين.
وعن قتادة ومجاهد ومقاتل أنها مدنية. وروي عن ابن عباس ولم يذكرها صاحب (الإِتقان) في عداد السور المختلف فيها.
وقد عدت الثالثة عشرة في عداد نزول السور نزلت بعد سورة الانشراح وقبل سورة العاديات. وآيُهَا ثلاث آيات.
وهي إحدى سور ثلاث هُنَّ أقصر السور عَدد آيات: هي، والكوثر وسورة النصر.
أغراضها:
واشتملت على إثبات الخسران الشديد لأهل الشرك ومن كان مثلهم من أهل الكفر بالإِسلام بعد أن بلغت دعوته، وكذلك من تقلد أعمال الباطل التي حذر الإِسلام المسلمين منها.
وعلى إثبات نجاة وفوز الذين آمنوا وعملوا الصالحات والداعين منهم إلى الحق.
وعلى فضيلة الصبر على تزكية النفس ودعوة الحق.
وقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم اتخذوها شعارًا لهم في ملتقاهم. روى الطبراني بسنده إلى عبيد الله بن عبد الله بن الحُصين الأنصاري (من التابعين) أنه قال: كان الرجلان من أصحاب رسول الله إذا التقيا لم يفترقا إلاّ على أن يقرأ أحدهما على الآخر سورة العصر إلى آخرها ثم يسلم أحدهما على الآخر (أي سلام التفرق وهو سنة أيضًا مثل سلام القُدوم).
وعن الشافعي: لو تدبر الناس هذه السورة لوسعتهم. وفي رواية عنه: لو لم ينزل إلى الناس إلا هي لكفتهم.
وقال غيره: إنها شملت جميع علوم القرآن. وسيأتي بيانه. اهـ.

.قال الصابوني:

سورة العصر مكية.
وآياتها ثلاث آيات.
بين يدي السورة:
* سورة العصر مكية، وقد جاءت في غاية الإيجاز والبيان، لتوضيح سبب سعادة الإنسان أو شقاوته، ونجاحه في هذه الحياة أو خسرانه ودماره.
* أقسم تعالى بالعصر وهو الزمان الذي ينتهي فيه عمر الإنسان، وما فيه من أصناف العجائب، والعبر الدالة على قدرة الهت وحكمته، على أن جنس الإنسان في خسارة ونقصان، إلا من اتصف بالأوصاف الأربعة وهى (الإيمان) و(العمل الصالح) و(التواصي بالحق) و(الاعتصام بالصبر) وهي أسس الفضيلة، وأساس الدين، ولهذا قال الإمام الشافعي رحمه الله: لو لم ينزل إلها سوى هذه السورة لكفت الناس. اهـ.

.قال أبو عمرو الداني:

سورة والعصر 103:
مكية.
ونظيرتها في جميع العدد الكوثر والنصر.
وكلمها أربع عشرة كلمة.
وحروفها ثمانية وستون حرفا.
وهي ثلاث آيات في جميع العدد.
اختلافها آيتان:
{والعصر} لم يعدها المدني الأخير وعدها الباقون.
{وتواصوا بالحق} عدها المدني الأخير ولم يعدها الباقون.

.ورءوس الآي:

{خسر}.
1- {بالحق}
{بالصبر}. اهـ.

.فصل في معاني السورة كاملة:

.قال المراغي:

سورة العصر:
{العصر}: الدهر، و{الإنسان}: هو هذا النوع من المخلوقات، والخسر والخسران النقصان وذهاب رأس المال، والمراد به ما ينغمس فيه الإنسان من الآفات المهلكة، والحق: هو ما تقرر من حقيقة ثابتة أرشد إليها دليل قاطع، أو عيان ومشاهدة، أو شريعة صحيحة جاء بها نبي معصوم، والصبر: قوة للنفس تدعوها إلى احتمال المشقة في العمل الطيب، وتهوّن عليها احتمال المكروه في سبيل الوصول إلى الأغراض الشريفة.
والتواصي بالحق: أن يوصى بعضهم بما لا سبيل إلى إنكاره وهو كل فضيلة وخير، والتواصي بالصبر: أن يوصى بعضهم بعضا به ويحثه عليه، ولا يكون ذلك نافعا مقبولا إلا إذا كمّل المرء نفسه به وإلا صدق عليه قول أبى الأسود الدؤلي:
يا أيها الرجل المعلم غيره ** هلا لنفسك كان ذا التعليم

تصف الدواء لذي السّقام وذي الضنى ** كيما يصح به وأنت سقيم

. اهـ.

.قال الفراء:

سورة العصر:
{وَالْعَصْرِ}
قوله عز وجل: {وَالْعَصْرِ...}.
وهو الدهر أقسم به.
{إِنَّ الإنسان لَفِي خُسْرٍ}
وقوله عز وجل: {لَفِي خُسْرٍ...}.
لفي عقوبة بذنوبه، وأن يخسر أهله، ومنزله في الجنة. اهـ.

.قال ابن قتيبة:

سورة العصر:
1- {الْعَصْرِ}: الدّهر، أقسم به.
2- {إِنَّ الإنسان لَفِي خُسْرٍ} أي في نقص.
3- {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ}: فإنهم غير منقوصين. اهـ.

.قال الغزنوي:

سورة العصر:
1 {وَالْعَصْرِ}: الدهر.
وقيل: ما بعد الظّهر لأنه وقت اختتام الأعمال وانصرام النّهار.
2 {لَفِي خُسْرٍ}: لفي نقصان.
3 {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا}: فإن اللّه يوفّي أجورهم في حال نقص قواهم. اهـ.

.قال ملا حويش:

تفسير سورة العصر:
عدد 13 – 103.
نزلت بمكة بعد الانشراح.
وهي ثلاث آيات ومثلها في عدد الآي النصر والكوثر.
وأربع عشرة كلمة وستون حرفا.
ولا يوجد في القرآن سورة مبدوءة أو مختومة بما بدئت أو ختمت به.
بسم الله الرحمن الرحيم.
قال تعالى: {وَالْعَصْرِ 1} أقسم جل قسمه سبحانه بزمان رسوله كما أقسم بمكانه في سورة البلد الآتية تنبيها على أن زمنه أفضل الأزمنة ومكانه أشرف الأمكنة عدا البقعة التي ضمته فلا يوازيها بالشرف مكان، حتى قال بعض العلماء بأنها أفضل من عرش الرحمن ولم يعارضه أحد دلالة على اتفاقهم على هذه وإجماعهم على أنه أحب خلق اللّه إليه وأفضلهم، وانه عند ربه بمكان لا يوازيه مكان وقال ابن عباس المراد به الدهر وذلك لأنهم يضيفون النوائب والنوازل إليه فأقسم اللّه به تنبيها على فضله، وأن اللّه هو المؤثر فيه وان ما يحصل فيه كان بتقديره وقضائه.
وهناك أقوال بأنه اليوم والليلة لأن العرب تعبر عنها به قال حميد بن ثور:
ولم يلبت العصران يوما وليلة ** إذا طلبا أن يدركا ما تيمّما

وإنه الوقت المعلوم لأنه خلق اللّه آدم فيه ولأنه بمقابل الضحى حيث أقسم أوّلا بأول النهار فناسب أن يقسم بآخره، وأنه صلاة العصر لأنها على أكثر الأقوال أنها الصلاة الوسطى وانه زمان حياته صلى الله عليه وسلم وما بعده إلى يوم القيامة، ومقداره بالنسبة لما مضى بمقدار العصر من اليوم والليلة روى البخاري عن سالم بن عبد اللّه عن أبيه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول إن بقاءكم فيمن سلف من قبلكم من الأمم كما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس.
ولشرفه صلى الله عليه وسلم وشرف أمته الذين فيه قال تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} الآية 109 من آل عمران وجواب القسم {إِنَّ الإنسان} أي جنسه المشتمل على أفراده كلها {لَفِي خُسْرٍ 1} من عمره لأن كل ساعة تمر منه لابد أن تكون في طاعة أو معصية فان في معصية فهي الخسران المبين وإن في طاعة فلعلّ غيرها أفضل منها وهو قادر على الإتيان بالأفضل فكان فعل غير الأفضل نقصانا وخسرانا، وقد ورد في الحديث ما منكم إلا ندم يوم القيامة إن كان محسنا ندم إن لم يكن ازداد وإن كان مسيئا ندم إن لم يكن أقلع.
ولا دلالة في هذه الآية لقول من قال إن مرتكب الكبيرة مخلد في النار لأن المستثنى محصور فيمن آمن وعمل صالحا لأنه لا دلالة فيها على أكثر من كون المستثنى في خسر ليس إلا، والخسر عام فيكون بالخلود إذا مات كافرا ويطلق الدخول في النار إذا مات مؤمنا عاصيا فلا معنى للقول بان المستثنى ناسخ للمستثنى منه فيها كما لا منسوخ في المستثنى منه وهو {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ} فهم مستثنون من الخسران لأنهم اشتروا الآخرة بالدنيا فربحوا وسعدوا وفازوا لاستبدالهم الفاني الخسيس بالباقي النقيس.
وهذا اللفظ يشمل كل من اتصف بالإيمان والعمل الصالح لا يختص بعلي كرم اللّه وجه أو سلمان الفارسي كما يتوهم من اقتصار ابن عباس عليها، على أنها من الطراز الأول في هذا المضمار كما وأنه لا يختص بمعنى الخاسر أبي جهل أو غيره من أضرابه، لأن اللفظ عام يدخل فيه كل من خسر الدنيا والآخرة وكل المؤمنين الذين يعملون صالحا {وَتَواصَوْا} عند الاجتماع والمفارقة فيما بينهم بان يوصي بعضهم بعضا {بِالْحَقِّ} في كل نوع من أنواعه ومنه القرآن وكل عمل خير {وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ 3} بسكون الباء وقوي بكسر الباء بنقل حركة الراء إلى الباء في الوقف لئلا يحتاج القارئ إلى الإتيان ببعض الحركة في الوقف، ولا إلى أن يسكن فيجمع بين ساكنين وهي لغة شاذة ولكنها في دمشق مستفيضة، وكذلك في حلب، أن يوصي بعضهم بعضا عند الشدائد وغيرها بالصبر وعن المعاصي التي تشتاق إليها النفس الخبيثة وعلى الطاعة التي يشق أداؤها حتى على النفس الطاهرة، قال تعالى: {وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ} الآية 24 من البقرة وأين هؤلاء الأخيار والسادة الأبرار، وبالصبر على ما يبلو اللّه به عباده من المصائب، هذا وإن سعادة الإنسان في طلب الآخرة والإعراض عن الدنيا لأن الانهماك فيها خسران عظيم، ولما كانت الأسباب الداعية لحب الدنيا ظاهرة والأسباب الداعية لحب الآخرة خفية، صار أكثر الناس يشتغل في دنياه ويستغرق في طلبها فخسر وبار وأهلك نفسه بتضييع عمره ونفاده في دنياه، فالسعيد من كان شغله الشاغل في آخرته وأجمل في طلب الدنيا قال صلى الله عليه وسلم: «الدنيا حلوة خضرة وإن اللّه مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون» وقال عليه السلام «أجملوا في طلب الدنيا (أي لا تتكالبوا عليها) فإن كلا ميسر لما خلق له وإن ما هو مقدر لك واصل إليك لا محالة» راجع الحديث أول سورة القلم المارة، قال الشافعي رحمه اللّه لو لم ينزل اللّه غير هذه السورة لكفت الناس لاشتمالها على علوم القرآن.
وأخرج الطبراني والبيهقي عن أبي حذيفة قال كان الرجلان من أصحاب الرسول إذا التقيا لم يتفرقا حتى يقرأ أحدهما على الآخر سورة العصر. أي ليبقيا متيقظين.
هذا، واللّه أعلم وأستغفر اللّه العلي العظيم وصلى اللّه وسلم على سيدنا محمد وآله وأصحابه أجمعين. اهـ.